محاولات إسرائيلية لعرقلة "الاتفاق التاريخي" للمصالحة الفلسطينية بالقاهرة
| |
| محمود عباس وخالد مشعل | | |
يشهد مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة الأربعاء الاحتفال الرسمي بتوقيع اتفاق تاريخي بين قادة حركتي "فتح" و"حماس"، في محاولة لإنهاء خلاف بدأ بينهما منذ أكثر من أربع سنوات،فيما تحاول اسرائيل اقناع الدول الغربية باهمية الوقوف امام اتمام المصالحة الفلسطينية لان "حماس" تسعى الى ابادة اسرائيل.
وذكر هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" ان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وصل أمس الثلاثاء إلى القاهرة لحضور حفل التوقيع بمشاركة مدير المكتب السياسي لحماس خالد مشعل،وسيجري العمل بموجب الاتفاق على تشكيل حكومة مؤقتة، تشرف على الإعداد لإنتخابات جديدة
.
وسيحضر الاحتفال ايضا الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزير الخارجية المصري الدكتور نبيل العربي ورئيس المخابرات المصرية اللواء مراد موافي.
ودعي للاحتفال ايضا وزراء الخارجية العرب والرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر والسكرتير العام للامم المتحدة بان كي مون وامين عام منظمة المؤتمر الاسلامي اكمل الدين احسان اوجلو.
ومن المقرر ان يلقي عباس كلمة في احتفال توقيع اتفاق المصالحة بصفته رئيسا لدولة فلسطين ورئيسا للسلطة الوطنية ولمنظمة التحرير الفلسطينية.
وستبدأ الفصائل الفلسطينية التشاور فيما بينهما ضمن لجان تم تشكيلها لتطبيق بنود الاتفاق برعاية مصرية وحضور وفد امني مصري للاشراف على تطبيق الاتفاق والمساعدة في ازالة العقبات التي ستعترض تنفيذ البنود.
ويتردد ان الثورات في عدد من الدول العربية دفعت قادة حركتي فتح وحماس للتوقيع على المصالحة الفلسطينية وانهاء الانقسام الفلسطيني منذ يونيو 2007 بعد سيطرة "حماس" عسكريا على القطاع.
مفاجئة الاتفاق
وكان قد تم التوقيع أمس الثلاثاء في أحد فنادق القاهرة على الصيغة النهائية التي أقرتها ثلاثة عشر فصيلا فلسطينيا إضافة إلى شخصيات أخرى مستقلة ووكيل جهاز المخابرات المصرية
وذكرت مصادر فلسطينية أن حضور تلك الفصائل هو بمثابة مباركة للاتفاق الذي من شأنه أن ينهي سنوات من العداء المستحكم بين الحركتين ، والذي وصل إلى إراقة الدماء في بعض مراحله.
وأوضح طاهر النونو المتحدث باسم حركة حماس أن الاتفاق الذي جاء مفاجئة للجميع قد تم إبرامه في مصر عقب سلسلة من الاجتماعات السرية،مشيرا "وقع الطرفان بالأحرف الأولى على الاتفاق ، وأمكن التغلب على كل نقاط الخلاف".
وقال بلال قاسم أمين سر المكتب السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية إن التوقيع قد تم من جانب كافة الفصائل الحاضرة في الاجتماع كما عبر كل وفد عن ملاحظاته على نقاط وثيقة المصالحة ، ولكن تم الاتفاق على دراسة تلك الملاحظات والأخذ بها عن تطبيق الاتفاق.
وقالت المصادر إن اجتماع التوقيع رأسه خالد مشعل عن حركة حماس وعزام الأحمد عن حركة فتح ولم يشهد مناقشة أي تفاصيل.
ومن جانبه، قال عزت الرشق عضو المكتب السياسي في حركة حماس إنه "تم التوقيع على ورقة المصالحة الفسطينية و ورقة التفاهمات وتم مناقشتها وابداء الملاحظات عليها من الفصائل والمستقلين".
وبدوره قال محمد الهندي القيادي في حركة الجهاد الاسلامي الذي اكد على توقيع حركته على الوثيقة ان الجهاد الاسلامي "تتمنى ان يترجم الاتفاق الى مصالحة حقيقة تجنب الشعب الفلسطيني ماساة اخرى بالانقسام".وكانت الجهاد الاسلامي اعلنت انها لن تشارك في الحكومة المنبثقة عن هذا الاتفاق.
ومن جهته، قال ماهر الطاهر رئيس وفد الجبهة الشعبية ان حركته اكدت على "ضرورة وجود رؤية سياسة موحدة وان لا يتم العودة الى المفاوضات بل اللجوء الى الشرعية الدولية والقانون الدولي والامم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية".
وكانت حركتا فتح وحماس قد أعلنتا من قبل أنهما تمكنتا من حل خلافاتهما العميقة مما يفتح الطريق اتفاق مصالحة بينهما وتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية وإجراء انتخابات في الضفة وقطاع غزة.
ومن جهة اخرى، اكد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية وخالد مشعل على أهمية اتفاق المصالحة الفلسطينية،جاء ذلك خلال مؤتمر صحفى مشترك عقده موسى ومشعل عقب جلسة مباحثات بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة.
وشدد مشعل على أنه ينبغي احترام الإرادة الفلسطينية.
استبعاد فياض
وفي سياق متصل، أوضح أبو مازن أن أسماء الوزراء المرشحين للحكومة الجديدة مقبولة دوليا ومحليا وفي كل مكان ،وستكون الحكومة القادمة لمدة قصيرة وملتزمة بسياسة منظمة التحرير الفلسطينية.
وأكد مصدر فلسطيني مطلع إن حركتي "فتح" و"حماس" توافقتا على استبعاد رئيس الحكومة المؤقتة في الضفة الغربية سلام فياض من رئاسة حكومة الوحدة المرتقب تشكيلها تنفيذا لاتفاق المصالحة.
وقال المصدر، لوكالة "يونايتد برس إنترناشونال"، مفضلا عدم ذكر اسمه، "هناك توافق بين فتح وحماس تم تأكيده في مباحثات القاهرة التي أفضت إلى توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية على استبعاد سلام فياض من رئاسة الحكومة المقبلة".
وأشار المصدر إلى أن استبعاد فياض من رئاسة الوزراء لا يعني استبعاده من الحكومة بشكل كامل، لافتا إلى وجود بعض الأصوات التي تطالب بتوليه منصب وزير المالية بحكم قدرته على جلب تمويل دولي ونيله رضا الجهات المانحة.
وذكر المصدر أن هناك شبه تفاهم أن يكون رئيس الحكومة المقبل شخصية وطنية من قطاع غزة بالنظر إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المجلس التشريعي عزيز دويك هما من الضفة.
وقال المصدر إن الحكومة المقبلة لن تحمل برنامج سياسي وهي حكومة مهمات محددة في نص اتفاق المصالحة وتتمثل في تهيئة الأجواء للانتخابات المقبلة، والإشراف على معالجة آثار الانقسام الاجتماعية والإدارية والمدنية، ومتابعة إعمار غزة ورفع الحصار ودمج المؤسسات وتسوية أوضاعها.
محاولات تخريبية
|
| |
| | | |
وفي المقابل حذر رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السلطة الوطنية الفلسطينية التي تمثل حركة فتح من المصالحة مع حماس ، وقال إن على السلطة أن تختار بين السلام مع حماس أو السلام مع إسرائيل.
ورد الرئيس الفلسطيني قائلا "ان اسرائيل لا تريد المصالحة وان التصعيد الاسرائيلي على اشده ضد هذه المصالة وكأن اسرائيل مستفيدة من الانقسام لذلك لا تريد المصالحة".
وأوضح عباس خلال زيارته أمس لمقر صحيفة "الأهرام" المصرية في القاهره "لا يوجد اي ضمان لنجاح الاتفاق لكن هناك اعداء كثر لاتفاق المصالحة وهناك محاولات لضرب الاتفاق من جهات عديدة لتخريب الاتفاق".
وقال عباس إنه "ليس مطلوبا من حماس ان تعترف باسرائيل وسيتم تشكيل حكومة تكنوقراط ولن نطلب من حماس الاعتراف باسرائيل".
وجدير بالذكر ،ان رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يلتقي اليوم الاربعاء بنظيره البريطاني ديفيد كاميرون في لندن لاقناع الغرب باهمية ايقاف المصالحة الفلسطينية.
وذكرت إذاعة جيش الاحتلال الاسرائيلي صباح اليوم ان رئيس الوزراء الاسرائيلي سيتابع اتفاق المصالحة الفلسطينية من خلال شاشة التليفزيون داخل أحد الفنادق بمدينة لندن.
وكان نتنياهو قد وصل الى العاصمة البريطانية الليلة الماضية في زيارة رسمية يعقبها بزيارة اخرى لفرنسا.
وقال مصدر سياسي في حاشية رئيس حكومة الاحتلال ان نتنياهو سيعرض خلال لقاءاته الصحفية موضوع الشراكة بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وحماس باعتبار ان اسرائيل لا يمكنها قبول هذه الخطوة نظرا لأن حماس تدعو الى ابادة دولة اسرائيل.
وكان رئيس الوزراء قد تحدث هاتفيا الليلة الماضية مع وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون التي أجرت بالمقابل اتصالا هاتفيا آخر مع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض للتباحث بشأن المصالحة.
تحول جذري
وفي سياق متصل،أعدت وزارة الخارجية الاسرائيلية تقريرا سريا يفيد بان اتفاق المصالحة الفلسطينية يشكل فرصة ايجابية بالنسبة لاسرائيل ،وهو ما يعد تحول جذري للموقف الاسرائيلي حيال المصالحة.
ونشرت "هآرتس" اليوم توصيات بشأن سياسة إسرائيل حيال إقامة حكومة وحدة وطنية فلسطينية. ويعتبر التقرير أن هذه الخطوة الفلسطينية بالذات فرصة استراتيجية إيجابية من الممكن أن تفيد إسرائيل. كما يتضمن التقرير توصيات تتعارض مع ما يطرحه بنيامين نتنياهو في الأيام الأخيرة بشأن اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي سيتم التوقيع عليه اليوم في القاهرة.
وبحسب التقرير فإن "الخطوة الفلسطينية ليست خطرا أمنيا فقط، وإنما فرصة استراتيجية لخلق تغيير حقيقي في الساحة الفلسطينية، وأن هذا التغيير من الممكن أن يفيد المصالح الإسرائيلية على المدى البعيد".
وحسب الصحيفة فان التقرير الذي تسلم نسخا منه وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان ومدير عام وزارته رفائيل باراك ومسؤولون كبار آخرون، قد أعد من قبل الشعبة للتخطيط السياسي في وزارة الخارجية، وهي هيئة تتألف من دبلوماسيين مهنيين وتقوم ببلورة توصيات للسياسة الإسرائيلية حيال قضايا مختلفة تتصل بعلاقاتها الخارجية.
وتضمنت توصيات التقرير بأن تتخذ إسرائيلي توجها بناءا بحيث يحتد الصراع بين الفلسطينيين بشأن البرنامج السياسي للحكومة الفلسطينية وعدم جاهزية حركة حماس للاعتراف بإسرائيل.
ويعتقد معدو التقرير أن التوجه الإيجابي من قبل إسرائيل تجاه الخطوة الفلسطينية سوف يعزز العلاقات مع الولايات المتحدة، وأنه على إسرائيل أن تعمل كلاعب ضمن مجموعة وأن تنسق مع الإدارة الأمريكية الرد على حكومة الوحدة الفلسطينية، الأمر الذي يعزز دور الولايات المتحدة ويخدم المصالح الإسرائيلية.
كما يدعو تقرير وزارة الخارجية إسرائيل إلى توخي الحذر في سياستها وتصريحات في هذه المرحلة الحالية قبل المصادقة على الاتفاق. وأنه يجب أن يكون الرد الإسرائيلي على تشكيل حكومة وحدة فلسطينية مدروسا ويأخذ بالحسبان ضرورة مواجهة النوايا الفلسطينية بشأن طلب الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر القادم.
كما يتضمن التقرير عدة توصيات أخرى أولها مواصلة التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية التي تعتبر مصلحة إسرائيلية وأدت إلى تراجع حاد لـ"الإرهاب". ويدعو التقرير أيضا إلى أن تطالب إسرائيل المجتمع الدولي بوضع معايير مفصلة بشأن الحكومة الفلسطينية الجديدة.
ويقترح التقرير أيضا إيفاد بعثة لإجراء محادثات في القاهرة من أجل تعزيز التنسيق مع الحكومة المصرية المؤقتة، علما أن مستشار نتنياهو، يتسحاك مولخو، سوف يتوجه الأحد القادم إلى القاهرة حيث يلتقي وزير الخارجية نبيل العربي ومسئولين مصريين آخرين.