وضع رئيس مجموعة "أوراسكوم تلكوم" المصري نجيب ساويرس، الحكومة الجزائرية في مواجهة غير مضمونة العواقب مع أكبر لوبي مالي عالمي في كل من روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية، بعدما قرر المغامرة باندماجه مع المجموعة الروسية النرويجية، فيمبلكوم للاتصالات، مقابل حصوله على 1.8 مليار دولار نقدا و4.8 مليار دولار في شكل أسهم من التجمع الجديد الذي يمثل خامس أكبر أمبراطورية للاتصالات في العالم.
وقال نجيب ساويرس، ليلة أول أمس في تصريحات لقناة "المحور" المصرية، أنه قرر التفرغ نهائيا للأعمال الخيرية، بعدما تمكن من التخلص من "وجع الدماغ" الذي سببته له فرع الشركة بالجزائر. وكان ساويرس، قد اندمج مع مجموعة "لافارج" الفرنسية لصناعة الاسمنت مقابل حصة في رأس مال الشركة، وهي العملية التي وضعت الحكومة الجزائرية في موقف حرج تجاه شركائها الأجانب بسبب التعديلات التي أدرجتها على قانون الاستثمار، وعودتها لموضوع حق الشفعة الذي أثار جدلا كبيرا، وقبل أن تتمكن الحكومة من نسيان الألم الذي سببته العملية، قرر رجل الأعمال المصري الذي اكتشف "إلدورادو" الجزائري سنة 2001، من توجيه ضربة قاضية للجزائر تمثلت في تحويل حصته من أسهم شركة "سورفيرت" للأسمدة المختلطة بين أوراسكوم للصناعة والإنشاء ومجموعة "سوناطراك" بأرزيو، إلى الشركة المختلطة التي أنشأها ساويرس مع بنك مورغان ستانلي الأمريكي، وبذلك يضمن حماية كاملة لحصته في الشركة في حال حاولت الحكومة الجزائرية إعادة النظر في المشروع الذي يعتبر آخر مشروع للمجموعة بالجزائر بعد تخلصه من "جازي".
وكانت الحكومة الجزائرية قد قررت منع التنازل عن أصول بالجزائر لصالح شركاء أجانب بالخارج، غير أن ساويرس عرف كيف يختار قوى مالية عالمية لحمايته، وقرر التعامل مع واحد من أكبر البنوك العالمية التي تمثل مصالح لوبيات ليس من مصلحة الدولة الجزائرية مواجهتها على الإطلاق.
وكانت مجموعة من البنوك العمومية الجزائرية بقيادة البنك الخارجي الجزائري، قد منحت قرضا لمجموعتي سوناطراك وأوراسكوم للإنشاء المصرية لتمويل مشروع إقامة مصنع بتروكيماويات بمدينة أرزيو، بقيمة 1.1 مليار أورو، من إجمالي 1.5 مليار أورو الإجمالية لإقامة المشروع.
وتم التركيب المالي بمساهمة البنك الخارجي بنسبة 28 بالمائة من قيمة القرض وهو ما يعادل 308 مليون أورو، ونفس القيمة من طرف البنك الوطني الجزائري، مقابل 21 بالمائة أو ما يعادل 231 مليون أورو، مقابل 23 بالمائة مشتركة بين الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط بنك وبنك التنمية المحلية، أو ما يعادل 253 مليون أورو.
وكشف مصدر رفيع من البنك الخارجي الجزائري شارك في المفاوضات التي أجراها البنك الخارجي باسم البنوك العمومية الجزائرية، "للشروق اليومي"، على هامش توقيع اتفاقية إتمام التركيب المالي لمشروع "سوفريت" الخاص ببناء مركب لإنتاج الأمونياك واليوريا بأرزيو بين سوناطراك وأوراسكوم للإنشاء، أن بنك الجزائر الخارجي اشترط على الطرف المصري المساهمة في تمويل المشروع وتوفير التركيب المالي اللازم مقابل التزام الطرف المصري بعدم بيع حصته في المشروع المقدرة بـ51 بالمائة.
وأضاف مصدر "الشروق اليومي"، أن بنك الجزائر الخارجي له الحق في الاعتراض على العملية، كما يملك الحق المطلق في اختيار الشركة أو الشركات المعنية بشراء حصة الطرف المصري في حال قرر هذا الأخير التخلي عن حصته، إلا أن الطرف المصري لم يكلف نفسه عناء الاستشارة وقام ببيع حصته للطرف الأمريكي لحماية نفسه من أي متابعة جزائرية محتملة بعد اندماجه مع فيمبلكوم الروسية التي يملك 40 بالمائة من أسهمها قطب المال والنفط وتجارة التجزئة الروسي ميخائيل فريدمان الذي يعتبر صاحب أكبر ثروة في روسيا بأزيد من 20 مليار دولار وهو من أقرب الشخصيات المالية للرئيس مدفيديف ورئيس الوزراء بوتين.
وقال سامح شنودة، عضو مجلس إدارة "سوفريت" ورئيس قطاع صناعات الغاز الطبيعي في أوراسكوم للإنشاء، في تصريح "للشروق"، إن الاتفاق سمح للطرفين الجزائري والمصري بتوفير التمويل اللازم للمشروع بنسبة 100 بالمائة، مضيفا أن مشروع الأمونياك واليوريا بولاية وهران البالغة طاقته الإنتاجية 4400 طن يوميا من الأمونياك على خطين للإنتاج و3450 طن يوميا من اليوريا، هو الأكبر من نوعه في الجزائر، مشيرا إلى أنه موجه للتصدير كليا نحو الأسواق الدولية.
وقال سامح شنودة، إن أوراسكوم للإنشاء اتفقت مع سوناطراك لضمان تزويدها بالغاز الطبيعي اللازم لسير المشروع لمدة 20 سنة على أساس الأسعار المطبقة في السوق الداخلية مع المشاريع المشابهة.
الموضوع بجريدة الشروق الجزائرية
http://www.echoroukonline.com/ara/economie/61046.html