|
| |
| الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر | | |
وبالنظر إلى أن التاريخ يرسم المستقبل إلى حد كبير ، فإن هناك إرثا نضاليا سيساعد البلدين على إنقاذ الأمة العربية من مخططات إسرائيل ، فمعروف للقاصي والداني دور الشعب المصري في ثورة نوفمبر المظفرة في الجزائر ودور الشعب الجزائري في حرب أكتوبر المجيدة والقواسم المشتركة بين البلدين والتي تشكل مناعة كبيرة أمام محاولات إحداث الوقيعة بينهما .
وكانت مصر قامت في الخمسينات والستينات بتبني قضية الجزائر في المؤتمرات الدولية ، حيث أعلن عن بدء الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي من القاهرة عام 1954 وقدمت حكومة ثورة يوليو بقيادة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر دعماً كبيراً لها سياسيا وإعلاميا وعسكريا ، بل وتعرضت مصر بسبب مواقفها المساندة للثورة الجزائرية لعدة أخطار كان من أبرزها العدوان الثلاثي عام 1956 الذي شاركت فيه فرنسا بجانب بريطانيا وإسرائيل انتقاما من مصر لدعمها جبهة التحرير الوطني الجزائري ، كما قامت فرنسا ببناء القوة الجوية لإسرائيل و تزويدها بالقدرات النووية انتقاما من مصر .
وتؤكد الوثائق التاريخية أنه عندما تولت مصر مهمة دعم الثورة الجزائرية وهى مهمة بدأت تقريبا فور انطلاق ثورة الجزائر في مطلع نوفمبر / تشرين الثاني 1954 وكان عمر الثورة المصرية حينها 27 شهرا كان أحد أهم أشكال هذا الدعم مد الثوار الجزائريين بالسلاح .
وبالنظر إلى أن الجزائر كانت بعيدة جغرافيا عن حدود مصر ، فقررت مصر حينها تزويدها بالسلاح عبر تونس والمغرب ، حيث كانت الدولتان نالتا الاستقلال عن فرنسا .
وما يؤكد حجم التضحية التي قدمتها مصر في هذا الوقت هو ما كشفته وثائق العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956 والتي جاء فيها أن الدافع الفرنسي للمشاركة فيه كان بهدف القضاء على مصر الثورة لوقف أهم مصدر لتسليح الثورة الجزائرية أكثر من الانتقام لقيام مصر بتأميم قناة السويس بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر .
ووفقا لتلك الوثائق ، فإن هدف فرنسا وقتها كان إطاحة عبد الناصر للتخلص كليا من مصر الثورة ومن دورها في دعم الثورة الجزائرية ليس فقط بالسلاح بل بأوسع حرب إعلامية عرفها العرب في هذا الوقت ضد الاستعمار الفرنسي .
ويجب الإشارة هنا إلى أن العدوان الثلاثي لم يؤثر على موقف مصر ، واستمرت في تزويد الثورة الجزائرية بالسلاح لسنوات بعد ذلك حتى نالت الجزائر استقلالها في أول يوليو 1962 ، وقبلها نجحت مصر في استصدار قرار من الأمم المتحدة عام 1960 يعترف بحق الجزائر في الاستقلال عن فرنسا .
وبجانب الدعم العسكري والسياسي ، فإن الدعم الإعلامي والثقافي والفني لم يقل أهمية ، فالنشيد الوطني الجزائري كان من تلحين الموسيقار المصري الراحل محمد فوزي ، كما تغنى بانتصار الثورة الجزائرية ومجدها شعراء مصر وفنانيها وهناك أغنية مشهورة للفنان المصري الراحل عبد الحليم حافظ في هذا الصدد بعنوان "الجزائر" .
الجزائر لم تنس تلك المواقف ، حيث أكد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أكثر من مرة أن موقف مصر الداعم للثورة الجزائرية التي انطلقت في 1 نوفمبر 1954 ضد المستعمر الفرنسي ودامت 8 سنوات و استشهد فيها أكثر من مليون ونصف مليون جزائري كان حاسماً في نجاحها وهو ما جعل مصر تدفع ثمن هذا الموقف بالعدوان الثلاثي علي أراضيها .
مواقف بومدين
|
| |
| الرئيس الجزائري الراحل هواري بو مدين | | |
وفي حرب أكتوبر ، ظهر جليا تقدير الجزائر لدعم مصر لثورتها وحرب تحريرها من 1954 إلى 1962 ، وكانت الجزائر من أوائل الدول العربية التى ساعدت مصر فى تلك الحرب وشاركت بالفوج الثامن للمشاة الميكانيكية والذي ضم أكثر من 3 آلاف جندى وضابط وعشرات الدبابات والمدافع وأسراب الطائرات ، بل وذهب الرئيس الجزائرى الراحل هوارى بومدين إلى الاتحاد السوفيتى السابق لشراء طائرات وأسلحة لمصر وعندما طلب السوفييت مبالغ ضخمة أعطاهم بومدين شيكا فارغا وقال لهم اكتبوا المبلغ الذي تريدونه .
وفي مذكراته عن حرب أكتوبر، كشف الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة في تلك الفترة أن دور الجزائر في حرب أكتوبر كان أساسيا وقد عاش بومدين ومعه كل الشعب الجزائري تلك الحرب بكل جوارحه بل وكأنه يخوضها فعلا في الميدان إلى جانب الجندي المصري ، قائلا :" شاركت جميع الدول العربية تقريبا في حرب 1973 طبقاً لاتفاقية الدفاع العربي المشترك، لكنها كانت مشاركة رمزية عدا سوريا والعراق والجزائر التي كان جنودها يشاركون بالفعل مع المصريين في الحرب بحماس وقوة على جبهة القتال ".
وأضاف " اتصل بومدين بالسادات مع بداية حرب أكتوبر وقال له إنه يضع كل إمكانيات الجزائر تحت تصرف القيادة المصرية وطلب منه أن يخبره فوراً باحتياجات مصر من الرجال والسلاح فقال السادات للرئيس الجزائري إن الجيش المصري في حاجة إلى المزيد من الدبابات وأن السوفييت يرفضون تزويده بها وهو ما جعل بومدين يطير إلى الاتحاد السوفييتي ويبذل كل ما في وسعه بما في ذلك فتح حساب بنكي بالدولار لإقناع السوفييت بالتعجيل بإرسال السلاح إلى الجيشين المصري والسوري ".
ووفقا للشاذلي أيضا ، فإن بومدين هدد حينها القيادة السوفيتية قائلا : "إن رفضتم بيعنا السلاح فسأعود إلى بلدي وسأوجه خطابا للرأي العام العربي أقول فيه إن السوفييت يرفضون الوقوف إلى جانب الحق العربي وإنهم رفضوا بيعنا السلاح في وقت تخوض فيه الجيوش العربية حربها المصيرية ضد العدوان الإسرائيلي المدعوم من طرف الإمبريالية الأمريكية، ولم يغادر بومدين موسكو حتى تأكد من أن الشحنات الأولى من الدبابات قد توجهت فعلا إلى مصر" .
وأكد أن الجزائر تعتبر ثاني دولة من حيث الدعم خلال حرب 1973 وكانت إسهاماتها كالتالى : 96 دبابة ، 32 آلية مجنزرة ، 12 مدفع ميدان ، 16 مدفع مضاد للطيران الجوي ، سرب من طائرات ميج 21 سربان من طائرات ميج 17 ، سرب من طائرات سوخوي وبلغ مجموع الطائرات حوالي 50 طائرة ، أما التعداد البشري فقد بلغ 2115 جنديا و812 ضابط صف و192 ضابط العتاد.
أيضا فإنه نقل عن الرئيس المصري الراحل أنور السادات القول حينئذ إن العاهل السعودي الملك فيصل بن عبد العزيز والرئيس الجزائري هواري بومدين كان لهما دورا كبيرا في الانتصار الذي حققته مصر في حرب أكتوبر.
والخلاصة أن علاقات مصر والجزائر أكبر من مباراة كرة قدم ولن تستطيع إسرائيل أو بعض وسائل الإعلام غير المسئولة تعكيرها أو النيل منها ، بل إن منتخبي البلدين شرفا العرب جميعا خلال بطولتي كأس الأمم الإفريقية وكأس العالم .
صور زيارة مبارك للجزائر