كلما إنقضى الوقت باتجاه ساعة الصفر لإنطلاقة نهائيات كأس العالم جنوب أفريقيا 2010 FIFA، إلا وارتفعت بشكل تدريجي "حمى" المونديال.
هذه البطولة التي ينتظرها الملايين كل أربع سنوات، فتأسر جميع المحبين وتجذب إليها حتى تلك الفئة التي لا تهوى الساحرة المستديرة، فهذه البطولة الكبيرة نجحت مع مرور الوقت في حصد أكبر نسبة متابعة لأكبر الأحداث سواء الرياضية أو غيرها.
مع ختام الموسم الكروي في كافة أرجاء الكرة الأرضية، تبدأ الجماهير في كل مكان التحضير والتأهب لمتابعة البطولة، فهناك 32 دولة سيكون لها شرف التواجد الحدث العالمي، تبدأ أحلام شعوبها في مشاهدة إنجاز قد يختلف بالتأكيد مابين تلك المنتخبات المرشحة للفوز باللقب وتلك التي يمكن لها أن تنافس ولو من بعيد، وما بين المنتخبات التي تعتبر التأهل الى الدور الثاني أو ربع النهائي أقصى ما يمكن إنجازه!.
هناك في تلك الدول ستجد من الطبيعي بل ومن الواجب أن تجد ذلك التحفيز الجماهيري والإعلامي لمساندة اللاعبين طيلة فترة التحضير للمونديال، وتبدأ معها حملات الحشد والتخطيط للإنتقال إلى أرض الحدث والتعبير عن فرحة الوطن بالتواجد بفخر في أعظم عرض على وجه الأرض، فهناك تعتبر المشاركة في حد ذاتها إنجاز وفخر وطني لكل اللاعبين والمدربين وحتى من يشاركهم من قريب أو بعيد، فهذا الأمر سيحفظ في سجلات التاريخ.
هذه هي الواجبات الملقاة على كل البلاد التي ستمثل بمنتخبات في هذا الحدث الكبير، لكن ماذا عن بقية البلاد التي لم تنجح منتخباتها في بلوغ البطولة، هل تعتبر المونديال مجرد مباريات تنافسية وفرصة جديدة لمتابعة أفضل النجوم التي تتابعها أسبوعيا في كل البطولات العالمية.
بالتأكيد لا، فالمونديال لن يكون حكرا بكل ما يحمله على تلك البلاد الـ32، فهناك عشرات الدول في كل القارات لا تقل أهمية المونديال بالنسبة لها، صحيح أن منتخباتها لم تنجح في بلوغ الهدف، لكن ذلك لا يعني أبدا أنها ستنتقض من قيمة البطولة الكبيرة.
في الوطن العربي الكبير الذي يضم (22) بلدا من أقصى الشرق إلى الغرب، يعتبر كاس العالم موسما حافلا لا يمكن تصور ماذا سيحمل في كل مرة، ففي هذه البلاد بدأت الاتجاهات والميول مع المنتخبات الكبرى وخصوصا تلك التي نالت شرف الفوز بالبطولة وفي مقدمتها البرازيل والأرجنتين وإيطاليا وألمانيا وإنجلترا.
فمع تصاعد الانتشار التلفزيوني للبطولة أخذت مباريات المونديال تحتل مساحات كبيرة من حياة الشعوب العربية، ففي ككل مرة تنطلق فيها شارة البطولة إلا وتنسى تلك الشعوب ميولها النادوية المحلية وربما الخارجية خلال شهر أو أكثر وتتجه نحو متابعة أحداث البطولة كل وفق ما يهوى.
أحمد أبو عطا من الأردن من عشاق المنتخب البرازيلي ويقول:"أن المنتخب البرازيلي هو منتخبي وأنا على يقين أنه سيحقق الإنجاز من جديد ويحرز الكأس العالمية، حيث يتوفر الانسجام بين لاعبيه."
ويتابع أبوعطا المباريات في المنزل للفترة الأولى، ثم يتوجه الى أحد المقاهي مع أصدقاءه لمتابعة المباريات القوية، حيث يتوفر الجو المناسب للتشجيع، فهي فرصة لا تتكرر كل عام.
هذه الأمور تبدو عادية جدا، فكيف لا تتابع مشوار منتخبك العالمي المفضل أيّا كان، هي حقوق مشروعة للجميع، تارة يتابعون برنامج التحضيرات وتارة يتوجهون بالدعاء حرصا على سلامة اللاعبين ووصولهم الى الحدث دون إصابات، ومع إعلان القائمة النهائية، تبدأ النقاشات والحوارات والتساؤلات، عن مدى صحة قرار المدربين باستدعاء هذا واستبعاد ذاك خصوصا من فئة النجوم، أمثال رونالدينيو وفرانشسكو توتي وزانتي على سبيل الذكر لا الحصر.
هذا كله في جانب، لكن ما لا يعمله الكثير من خارج الوطن العربي أن هذا الوطن الكبير، يجعل من بطولة كأس العالم حدثا يستحق أن يعاش بكل ما يحمله وربما ستسنح الفرصة في قادم السنين لو قدر لدولة قطر أن تحظى بشرف استضافة مونديال 2022.
في شهر المونديال تبدأ التحضيرات في كل مكان بحجز جدول البطولة منذ صافرة البداية وحتى النهاية، يتم تعيين أفضل المباريات التي يتواجد فيها "كبار" المنتخبات، ثم تحدد بقية اللقاءات التي تستحق المشاهدة بناء على ما قدمه المنتخب في التصفيات وصولا الى البطولة، بهذه الطريقة لن تضيع فرصة المشاهدة إلا ما ندر، وهناك من يعتبر أمر المتابعة شيء مهم للغاية لا يحتمل تجاهل أي لقاء مهما كان طرفيه.
ومع اليوم الأول للبطولة تتضح الإنقسامات وتبدأ التجاذبات "الودية" وتفتح حلقات النقاش وتصبح أغلب التجمعات "إستديوهات تحليلة" تطرح فيها تساؤلات عديدة وتذكر فيها كل الفرص الضائعة وروعة الأهداف المسجلة وقدرة هذا النجم على قيادة فريقه وتقصير ذاك في تحمل مسؤوليته الكاملة.
عيسى الأسمر من الأردن يحرص على مشاهدة جميع مباريات المونديال التي ينتظرها كل أربع سنوات، حيث يتجمع مع أصدقاءه في فترة المباريات وهو ما يعطي اثارة أكبر للحدث، ويؤازر الأسمر منتخب الأرجنتين الذي يضم نخبة نجوم العالم وفي مقدمته ليونيل مسي الذي يمكن له أن يحقق المعجزة ويقلد مدربه مارادونا الذي أحرز اللقب في المكسيك في 1986.
تتنوع طرق التشجيع في أرجاء الوطن العربي، وربما تتعجب عندما تأخذك عين الكاميرا بجولة في أروقة مختلف الدول، فهناك من يرفع أعلام وشعارات المنتخبات المفضلة على واجهات البيوت والبنايات العالية، وهناك من يضعها في سيارته وهناك من يرتدي قمصان المنتخبات في أيام المباريات.
يتمتع الشعب اللبناني بحاسة خاصة للقيام بهذه الأمور، حيث تبدأ حمى المونديال باجتياح الشوارع وواجهات المباني السكنية وترفرف أعلام دول البرازيل والمانيا وايطاليا، عداك عن ازدهار بيع هذه الشعارات تمهيدا لانطلاق الحدث.
من الرائع متابعة كأس العالم لأنه أهم حدث رياضى بلا جدال ورغم حزنى لغياب منتخب بلادى الذى مما لاشك فيه يعد أقوى منتخب أفريقى وعربى فى الوقت الحالي، فإننى أتمنى ان يتمكن المنتخب الجزائرى الذى يحمل لواء الكرة العربية من تحقيق نتائج طيبة للغاية ويبلغ الدور الثاني على الأقل
مشجع من مصر
ولكن أروع لحظات الإثارة تلك التي يجتمع فيها مختلف أنواع المشجعين في مكان عام قد تكون أجواءه مثيرة للغاية وتضعك في قلب الحدث بفضل التقنيات التلفزيونية الحديثة، وهناك تتعالى الصيحات وتبدأ حالة من التوتر تسود الأجواء، ومن يسجل فريقه تطلق العنان لصيحات الفرح والتي قد تتعالى لو إنتهت النتيجة بالفوز، ومع تقدم أدوار البطولة قد يخرج المشجعون في مسيرات فرح تسمع فيها أصوات أبواق السيارات وترفرف فيها الأعلام، فيما قد تنعكس الخسارة سلبا على المشجعين الذين قد يبلغون حالة من الإحباط والحزن التي لن تقل عن شعب أي بلد قد يخسر الإنجاز أيا كان.
محمد عبد الرؤوف من مصر يقول: "من الرائع متابعة كأس العالم لأنه أهم حدث رياضى بلا جدال ورغم حزنى لغياب منتخب بلادى الذى مما لاشك فيه يعد أقوى منتخب أفريقى وعربى فى الوقت الحالي، فإننى أتمنى ان يتمكن المنتخب الجزائرى الذى يحمل لواء الكرة العربية من تحقيق نتائج طيبة للغاية ويبلغ الدور الثاني على الأقل."
مضيفا: "في القاهرة نضرب موعدا ويتجمع الأصدقاء في المقهى ونبدأ الحديث عن اللقاء قبل بدايته وعند صافرة الحكم نركز اهتمامنا على كافة التفاصيل، ونتفاعل مع كل هجمة وتعم الأفراح مع الأهداف، وعقب اللقاء نقوم بجلة تحليلية للمباراة."
يجد الوطن العربي ممثلا وحيدا يحمل اللواء هو المنتخب الجزائري، حيث رغم اختلاف الميول الدولية مع الكبار، إلا أن الجميع سيقف خلف الفريق العربي الوحيد، لعل وعسى أن يسجل إنجازا بالتأهل الى الدور الثاني.
التونسي رفيق بوشلاكة والذي يعمل مدربا في لعبة التنس يقول أنه يتابع كأس العالم ويفضل متابعة المنتخبات العربية، وهذه المرة شاءت الاقدار أن تتواجد الجزائر لوحدها في البطولة وهو ما يعني أن الاهتمام كله سينصب في متابعة المنتخب العربي الوحيد.
مضيفا: احرص أيضا على متابعة المنتخبات الأفريقية وفي مقدمتها الكاميرون والتي تقدم في أغلب المشاركات عروضا طيبة ويمكن لها أن تقدم للدور الثاني أو حتى ربع النهائي.
شهر كامل وربما أكثر لا صوت يعلو فوق صوت المونديال، العالم العربي يجتمع كله على حب كرة القدم ومتابعة كأس العالم فهذه الفرصة لا تأتي إلا كل أربع سنوات، واغتنامها واجب على الجميع، فكيف ستؤول تفاصيل الحكاية المونديالية عند تتويج صاحب اللقب.